أوتاكو في العشرين - ماذا يحصل عندما يكبر الأوتاكو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كالعادة وبما أني دائماً ما أكتب هذه التدوينات من واقع تجربة أو تحت ضوء موقف معين يحصل لي، اسمحوا لي أن أتكلم عن نفسي قليلاً حتى تصل الصورة بشكل أوضح وأستميحكم عذراً على ذلك فهذه كما أعلم ليست مدونة يوميات وأشكركم على تحملكم.

منذ فترة مضت بدأت أشعر بالفرق الذي بدأت تحدثه العشرينات في حياتي بالكثير من الجوانب. بالطبع لم أعد مراهقة خالية البال وبلا أي هم فدخول المجتمع وعالم الراشدين حمل معه الكثير من المسؤوليات والمصاعب والتوقعات سواء توقعاتي لنفسي أو توقعات الآخرين لي.

من تلك التأثيرات التي طرأت كانت التغيرات على نشاطاتي كأوتاكو. ليس طبعاً وكأن طبيعتي أو هويتي كأوتاكو تغيرت وإنما قابليتي للتعامل مع الوسط ونوعية تفاعلي معه. لم أكبر على مشاهدة الأنمي بالتأكيد فالأنمي ليس حكراً على عمر معين وإنما تغير ذوقي كثيراً وتطورت نظرتي له كثقافة أكثر منه كوسيلة للفرفشة أو قضاء الوقت.

لا أدري إن كان ذلك جيداً أو لا. فالهدف أتوقع من صناعة الأنمي ليس فلسفتها وإنما ليكون  وسيلة من وسائل الترفيه بعد كل شيء. لكن التغير الأكبر كان قلة نسبة المشاهدة.. ببساطة لم أعد أملك الوقت الكافي لمشاهدة أكثر من عملين أو ثلاثة وأحياناً أضطر لتأجيل موسم كامل.

أذلك يعني أني لم أعد بنفس الوفاء لوسط الأنمي كما كنت في السابق؟ لم أعد مؤهلة لحمل لقب أوتاكو أو على الأقل أحسب للوسط؟

قطعاً كلا.. وهذا هو موضوع التدوينة.

العمر له تأثير مهم على عقلية الفرد ونظرته للحياة ولهواياته كذلك. وما يعجبك في الخامسة عشرة قد لا يستهويك في العشرين ولكن هذا لا يعني أن الأنمي مخصص لفئة عمرية معينة. شخصياً نضجت كثيراً خلال الفترة التي أمضيتها كأوتاكو ومؤخراً أصبحت أبحث عن الأنمي العميق والذي يناقش نظرية ما أو ذو القصة المبهرة والشخصيات المبتكرة وأضع أنميات مثل بيرسيرك و غوست إن ذا شيل وكلايمور و فل ميتال ألكيميست في أعلى قائمة مشاهدتي ولكن في نفس الوقت لازلت أستمتع بمشاهدة ون بيس و بريكيور وأحياناً حتى جول بيت و ميلكي هولمز.

لكن في نفس الوقت.. نضجي كأوتاكو مكنني من ممارسة هوايتي بشكل أكثر تنظيماً بل وأكثر متعة وفائدة بالنسبة لي. توسعت مداركي وتمكنت من التعرف على أشخاص مثلي وتنظيم الفعاليات والنشاطات التي تخصنا كمحبي أنمي راشدين بشكل لم أكن لأتمكن منه حينما كنت في سنوات مراهقتي.

شيء آخر مهم وهو نظرة المجتمع للأوتاكو وللأنمي كشيء يخص الصغار، وبوسعنا الخوض كثيراً في مناقشات ونستدل ببعض الأنمي الذي لا يصلح للأطفال كهجوم العمالقة وغيره ولكن أنا على يقين بأن الموضوع قد تمت مناقشته أكثر من مرة ولا طائل من إعادتي وتكراري له الآن.

لكن ما يثير اهتمامي الآن هو أن جيلنا الحالي هو مجتمع المستقبل.. وما كان يروق لأبائنا لم يكن يفعل لأجدادنا. وجيلنا الحالي قد لا يحاول الحكم على الأوتاكو في المستقبل بنفس الشدة التي يحكم بها المجتمع الحالي لأنه شيء جديد وغير مألوف بالنسبة لهم. أما جيلنا نحن فنسبة كبيرة منه مهتمة بوسط الأنمي وغيره وأكثر تسامحاً تجاهه. وكذلك من الجدير بالذكر أن الأنمي والمانجا والألعاب لم تعد كما في السابق مجرد هوايات وإنما تحولت لصناعة وحتى وسيلة دخل للبعض.

وكما يقول المثل: it's not stupid if it works.

البعض يقول أن الأوتاكو مكروهون حتى في اليابان من قبل الناس الطبيعية. اليابان مجتمع متنوع ككل المجتمعات وبالتأكيد ليس كل اليابانين يقرأون المانجا والروايات

الخفيفة في القطار. ودعونا أولاً نفرق بين الأوتاكو و "المهووس" .. والهوس في الواقع ليس بالأمر المحبذ لا في الأنمي ولا في غيره. الفرق بين المعجب والمهتم والمهووس كالفرق بين محبي القطط ومربيها وبين تلك المرأة التي أجرت آلاف العمليات الجراحية لكي تتحول إلى قط هي نفسها.

عصير الكلام:

الأنمي ليس حكراً على فئة عمرية بعينها. ونظرة المجتمع للأوتاكو الراشد في طريقها إلى التغير إن لم تكن قد تغيرت أصلاً.

ولكن..

ماذا بشأننا نحن كأوتاكو؟ هل سنمل من الأنمي بمرور الوقت؟

هل ستتغير طبيعة ونوعية الأنمي في المستقبل درجة أننا سنشعر أنه لم يعد نفس الشيء الذي كنا نعتاده ونألفه؟

أحياناً أتساءل هل هو ذوقي الذي تغير أم أن صناعة الأنمي نفسها هي التي بدأت تغير.. لا أدري بحق وذلك سؤال مشروع أترك لكم الإجابة عليه إن رغبتم.

وفي النهاية أشكركم كثيراً على قضاء الوقت

في قراءة هذه التدوينة وأتمنى ألا تستسثقلها قلوبكم ^^"